سقي الماء
تعد سقي الماء من أعظم العبادات بين الشريعة الإسلامية، إذ جعلها الرب عز وجل سببًا لفضل عظيم ومكانة عالية في القيامة. كما اهتم أهل مكة بـ سقيا الماء من أقدم الزمان حتى أصبحت إرواء الحجاج واحدة من المهام العريقة والتي ما زالت قائمة إلى يومنا هذا.
أهمية سقي الماء في الشريعة
ذكر بين الآيات والأحاديث المتعددة ما يبين عظم ثواب سقيا الماء، نذكر منها:
قال الرب عز وجل: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ (الإنسان: 8-9)
روى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أفضل الصدقة سقي الماء» رواه سنن أبي داود
بين حديث آخر: «من سقى مسلماً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم» كما ذكر الترمذي
كما أشار العلماء أن سقيا الماء تعد من أسباب تكفير الذنوب ودخول الفردوس
قصة سقاية الحجاج عبر التاريخ
تعود أصول سقيا مكة حتى زمن قبيلة قريش قبل البعثة النبوية، إذ كانت واحدة من الوظائف الرفيعة التي يتسابق فيها أشراف قريش. ومن بعد الفتح، أصبحت إرواء العطاشى ضمن المهام الرسمية والتي يتولاها الولاة عبر العصور.
أبرز مراحل قصة سقيا مكة:
خلال العهد ما قبل الإسلام: صارت سقيا مكة من بئر زمزم وغير ذلك من الآبار
2. بعد ظهور النبي صلى الله عليه وسلم: أصبحت سقيا مكة ضمن مسؤوليات الخلافة الإسلامية
3. في العهد الأموي: اهتم الخلفاء بـ توفير المياه وأنشأوا خزانات والأنهار الصغيرة
خلال العصر العباسي: تطورت أنظمة سقيا مكة وأصبحت أشد انتظامًا
5. في العصر العثماني: تم إنشاء نظام متكاملة لـ توصيل المياه تضمنت الآبار والقنوات والخزانات
6. في العصر المعاصر: صارت إمدادات المياه جزءًا من مشاريع التنمية الواسعة والتي تعيش عليها العاصمة المقدسة
أحكام سقيا الماء بين الهدي النبوية
جاءت في الأحاديث النبوية العديد من الآداب والضوابط المرتبطة بـ إرواء الظمآن، نذكر منها:
فضل تقديم الشراب للضيف قبل أي أمر آخر
إباحة أخذ مقابل على توصيل المياه إن تم ذلك يتطلب مشقة أو نفقة
تحريم حبس الماء أو منع العطاشى منه
تأكيد البدء بـ قول التسمية قبل الشراب
كراهة الإسراف بـ استعمال المياه حتى تم على جدول متدفق
سقيا مكة في العصر الحالي
في عصرنا الحاضر، تشهد سقيا مكة تقدماً هائلاً نتيجة ما تقدّمه دولة خادم الحرمين الشريفين من اهتمام وخدمات حديثة لـ حجاج الرحمن، إذ قد تم إقامة:
محطات تحلية المياه العذبة
شبكات إمداد الماء المبردة بداخل المسجد الحرام
محطات سقيا الماء بين مناطق الحج المقدسة
مبادرات لـ توعية الحجاج بأهمية الحفاظ على استخدام الماء
قصص رائعة بخصوص سقي العطاشى
عبر التاريخ، كانت هناك الكثير من القصص المؤثرة عن إرواء الظمآن، نذكر منها:
رواية إرواء النبي صلى الله عليه وسلم للمرضى في معركة بدر الكبرى، إذ قد كان يروي الماء بيديه الشريفتين
2. موقف عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما استحوذ على بئر رومة وجعلها وقفًا لـ سقيا الماء
رواية العباس رضي الله عنه عمّ النبي صلى الله عليه وسلم وما كان يقدمه من خدمات كبيرة في سقيا مكة
4. مواقف متعددة من أصحاب النبي رضوان الله عليهم في إرواء العطاشى وتقديم الطعام لـ الفقراء
كيف نشارك بـ سقيا الماء في عصرنا؟
يُمكن لـ أيّ مسلم أن يشارك في تلك الطاعة العظيمة بـ طرق متعددة، نذكر منها:
التصدق لـ مشاريع إنشاء الآبار في المحتاجة
تحضير محطات توزيع المياه في الأماكن المشتركة
تقديم عبوات الماء لـ العمال والمساكين
دعم المؤسسات الإنسانية والتي تعمل في مجال سقيا الماء
نشر الوعي بأهمية هذه العبادة بين الناس
خاتمة
في الختام، يمكن القول أن سقيا الماء تبقى واحدة من أجلّ العبادات التي تقرّب العبد من خالقه، وتجلب له الثواب العظيم في الحياة وما بعد الموت. كما زال سقيا مكة تعد شعارًا لـ الجود والبر الذي اشتهرت به أمة الإسلام خلال التاريخ.
نسأل الرب تعالى أن يعيننا لـ المشاركة بـ هذه العمل الخير، وأن يشرّف سقيا الماء وسيلة لثوابه وغناه يوم يوم الحساب.
Last updated